تعزيل المنزل وتنظيفه من أهم مظاهر التى ترتبط بقدوم العيد، وفي هذا المقال سنقدم لكم لمحة بسيطة عن هذا اليوم الشاق.
يوم تعزيل المنزل
هو يوم طويل وشاق جداً، ويكرهه جميع أفراد العائلة، ,وفيه يتم إعلان حالة الطوارئ، وتدوي صفارات الإنذار في جميع أرجاء المنزل، كما ويتم فيه إعلان النفير العام، وتتقلد الأم منصب القائد الأعلى للعمليات، وعلى جميع أفراد الأسرة الإلتحاق في صفوف المنظفين والتجنيد إجباري لأداء الخدمات الإلزامية، ولا يوجد إعفاء أو واسطة تُمنح لأي شخص، كما أن الإعتراض غير مقبول إطلاقاً، والشكوى ممنوعة، وعلى الجميع الإلتزام بالقوانين والتعليمات التي تفرضها نبع الحنان.
ويبداً هذا اليوم العصيب وتعم الفوضى أرجاء المنزل، فتجد سُطول الماء منسدحة في كل مكان، وخلطات مبتكرة من المنظفات، معطر غسيل وأرض وجو، صابون بكل أنواعه وألوانه بالإضافة إلى الشامبو للحصول على رغوة الصابون، مماسح مبلولة وغير مبلولة، شبابيك مخلوعة، وسِلم وراديو بأعلى صوت على أغاني العيد، وغسالة تصرخ وتستغيث من أكوام الغسيل المحاط بها، (ستائر، شراشف، ألعاب الأطفال أيضاً يشملهم الغسيل).
والآن ننتقل تدريجياً لأفراد الأسرة، الأب يتكفل بتأمين الدعم الغذائي الجاهز لكتيبة التنظيف، القليل من المقبلات مع شرائح البيتزا أو الشاورما، لأنه في هذا اليوم السعيد لا يوجد طبخ أو نفخ.
وتبدأ المعركة بعمليات خفيفة في أنحاء متفرقة من المنزل، مسح الغبار وسحب المفروشات من مكانها، رفع كل ماهو غالي وثمين حتى لا يفقد في هذه المعركة الحاسمة، وبهذا تعلن نبع الحنان رسمياً إنطلاق فعاليات تنظيف الحوائط، ويتسلم أحد أفراد الكتيبة هذه المهمة، أول وجه ثم الثاني ليلتحق به الوجه الثالث من الفرك والدعك للحائط، وعند الإنتهاء من أي جزء تتفقد الأم الحائط بنظرات ثاقبة حارقة خارقة؛ لمقارنة الحائط قبل وبعد التنظيف، فتطلق إبتسامة رضا خفيفة على وجهها، وتكون هذه الإبتسامة هي كلمة السر للإنتقال تلقائياً لجزء آخر من الحائط.
وهكذا تستمر الكتيبة بإنجاز مهمة تلو الآخرى، من حائط لحائط آخر، ومن سجادة إلى سجادة آخرى، ومن غرفة إلى غرفة، حتى تنشل الأيدي والأرجل، وتنحل المفاصل، وهكذا تضع الحرب أوزارها وتعم النظافة في أرجاء المنزل.
هدنة قصيرة مع غروب الشمس على أنغام وسمفونية الأوجاع والآهات الصادرة من أفراد الكتيبة، ثم بعدها تقوم الأم (نبع الحنان) ومساعديها أفراد الكتيبة قومة رجل واحد، منطلقين لإعادة ترتيب المفروشات والمزهريات، ليعود كل شيء إلى مكانه.
وتختلط المشاعر فرحاً بإنتهاء أصعب يوم في السنة بمشاعر الحزن على ضحايا التعزيل؛ مزهرية كُسرت، كريستالة الثريا سقطت، وستارة انكمشت أثناء غسيلها، بالإضافة إلى جروح وخدوش متفرقة في أنحاء الجسد، كما وأنه من المؤكد أن فرد من أفراد الكتيبة قد تزحلق وسقط على ظهره من أول الممر لآخره، وأصيب بالشلل النصفي في هذا الاحتفال الجمهوري بقدوم العيد.
وبهذا نكون قدمنا لكم موجز عما يحدث في كل منزل استعداداً لقدوم العيد، إحتفالاً وإبتهاجاً به، ويعطيكم العافية وكل عام وأنتم بألف خير، أعاده الله علينا وعليكم باليمن والخير والبركة.
عيد سعيد.